مخلفات الحرب تحصد أرواح الباحثين عن “فاكهة الرزق” بسوريا
قتل وجرح 20 شخصاً، بينهم عسكريون، في انفجار ألغام من مخلفات الحرب بالريف الشرقي لمدينة حماة وسط سوريا، خلال رحلة البحث عن فاكهة الرزق “الكمأة”. مصادر محلية سورية أكدت لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن 5 عمال لقوا حتفهم بينهم امرأتان، فيما جرح 15 آخرين، كلهم من النساء، إثر انفجار عربتهم بلغم أرضي ضد الدروع، خلال بحثهم عن “الكمأة” في محيط بلدة السلمية بريف حماة الشرقي في البادية السورية.
وقالت المصادر إن جنديين من الجيش السوري، قتلا بانفجار دراجتهم النارية بلغم من مخلفات المعارك السابقة، مضيفة أنهما قضيا خلال جمعهما “الكمأة”، بمنطقة الرهجان في الريف الحموي. يأتي ذلك، بعد يوم من مقتل 5 مدنيين في انفجار مماثل اثنين، بمحيط قرية “أبو لفة”، وفي محيط قرية “الشاكوسية” شرق مدينة السلمية شرقي حماة.
الألغام تحصد أرواح المئات:
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مدنيا قتل الأحد الماضي، في انفجار لغم أرضي في ريف حماة الشرقي. وأحصى المرصد في تقرير، مقتل 450 شخصاُ منذ يناير عام 2019، من مخلفات المعارك بمناطق متفرقة من مدن حمص وحماة ودير الزور والرقة وغيرها، خلال رحلات جمعهم “الكمأة” التي تباع بأسعار باهظة.
وحولت مخلفات الحرب السورية، المناسبات الزراعية الموسمية إلى موعد مع الموت، بحسب الناشط الحقوقي السوري لؤي جميل، المنحدر من مدينة حماة. وأضاف جميل في حديث إلى موقع “سكاي نيوز عربية” أن الوضع الاقتصادي المتردي وانهيار الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، دفع العديد من السكان العمل في بيئة خطرة، لا سيما في الأراضي الزراعية التي زرع فيها تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى ألغامها التي تحصد أرواح المدنيين بشكل شبه يومي.
موسم البحث عن “الكمأة”:
ويتحدث الناشط الحقوقي السوري عن موسم البحث عن “الكمأة”، التي تبدأ من الشهور الثلاثة الأولى من بداية كل عام، في رحلة بحث قد تنتهي بمقتل أو إصابة الباحثين عن قوت عائلتهم في المناطق الصحراوية التي تحولت لحقول ألغام خطرة.
و”الكمأة” هو نبات من الفطريات البرية، وينمو في الصحراء بعد سقوط الأمطار بعمق سنتيمترات قليلة تحت الأرض. وتتزايد فرص العثور عليه مع اقتراب فصل الربيع من كل عام، ويستخدم في الطعام، وتحول إلى مصدر رزق للكثير من السوريين، حيث يباع عادةً في الأسواق ويعتبر من أثمن أنواع الفطريات الصحراوية.
ضحايا من عائلة واحدة:
من جانبه، أشار الطبيب السوري سالم قصير، الذي عمل في قسم الإسعاف في المشفى الوطني بمدينة حماة، إلى أن الضحايا كلهم من النساء والأطفال، وغالبا يكونون من عائلة واحدة. وأشار في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية” إلى أن هذه الحوادث ترتفع معدلاتها في المواسم الزراعية، حيث انفجار مقذوفات هاون وصواريخ وألغام أرضية، تزهق وتحصد الأرواح وتسفر عن فقدان بعضهم لأطرافهم، في ظل تجاهل المنظمات الإنسانية والجهات المعنية في علاج الظاهرة المتفاقمة في مناطق متفرقة من سوريا، لا سيما في البوادي. وأكد أن معظم ضحايا هذه الانفجارات من العمال الذين يجمعون “الكمأة” التي يتقوتون منها كمصدر لرزقهم خلال مواسمها في مثل هذه الأيام من كل عام.
وفقدت رنا الأسمر الشابة العشرينية المنحدرة من مدينة حماة والدها وشقيقها العام الماضي في ريف حماة. وقالت رنا لـموقع “سكاي نيوز عربية”: “قضي والدي وشقيقي مع 65 مدنيا آخرين في شهر فبراير من العام الماضي، في انفجار لغم بسيارتين كانت تقلهم في طريقهم للبحث عن الكمأة في ريف حماة فيما فقد شقيقي وعمي أطرافهما السفلية”.