الأزمة السودانية

أحداث الفاشر.. تم اجتياز الامتحان بنجاح



برأي كثير من الخبراء أن الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور على مأساويتها، إلا أنها ذات دلالة بالغة في المضي قدماً نحو تطبيع الأوضاع واستقرارها بولايات دارفور الكبرى، إضافة إلى إثباتها أن السلام مثلما له استحقاقاته التي تطالب بها الحركات الموقعة، أيضاً له واجباته وتبعاته التي تطالب بها الدولة هذه الحركات الموقعة! مثل القوة المشتركة موضوع الأحداث حيث دافعت بروحها وأفرادها عن مقرات اليوناميد؛ وسوف تدافع عن المرافق العامة والخدمات الضرورية الأخرى بالنسبة للدولة والمواطنين.
يعلم الآن جميع أهل دارفور ثمرات السلام الحقيقية، وهم يعرفون أن هناك قوة مشتركة تعمل على حماية المدنيين وحفظ أمنهم، مهما كلفها حتى إذا فقدت أرواح عناصرها، وهي تؤدي عملها في ذلك.
أحداث الفاشر على مأساويتها لأننا فقدنا فيها أرواحاً سودانية عزيزة، إلا أنها تعطي الإشارة بالتعافي، وأن اتفاق السلام يمضي إلى نهاياته المرجوة في الاستقرار المطلوب بالمنطقة، وأن ما تم من ترتيبات أمنية ودمج أو تسريح تم بكفاءة عسكرية عالية، بدليل أن أطراف قوة حماية المدنيين، وهي مكونة من حركات شتى وعناصر مختلفة فوتت الفرصة على بعض المتفلتين المجهولين الذين سعوا للفتنة والوقيعة بين قوات التحالف السوداني والدعم السريع، في محاولة من هؤلاء المجهولين لضرب أطراف السلام بعضها ببعض، وتخريب أولى مظاهر وتجليات اتفاقية السلام ضمن تنفيذ بنودها بضرب القوة المشتركة ونسفها، لاتخاذها دليلاً على فشل السلام والإجراءات المصاحبة له من قوة مشتركة أو ترتيبات امنية أو أي شكل من أشكال التنسيق والتعاون المشترك بين هذه الأطراف.
ولكنها كانت أكثر وعياً بتحديات السلام واجندة المتربصين أولئك الذين لا يريدون استقراراً للوطن.
إصدار التحالف لبيان والإشارة فيه لوجود متفلتين، وكذلك نعي “حميدتي” لشهداء الدعم السريع والتحالف السوداني على السواء، والتأكيد على العمل سوياً، يعتبر القنطرة التي تجاوزت بها أطراف السلام والقوة المشتركة الوقوع في براثن الفتنة التي أرادها المتربصون من المتفلتين ذوي الأجندة الخاصة بنسف اتفاق السلام وعودة الوطن للمربع الأول من النزاعات والحروب؛ مع التأكيد القاطع دون أي لبس انتهاء زمن الفوضى وترويع المواطنيين ونهب ممتلكاتهم وتخريب المرافق العامة، إذ لم يعد هنالك مجال للتفلت أو الانهيار الأمني بعد إنشاء القوات المشتركة لحماية المدنيين، وأنه سوف لن يسمح مرة أخرى للمتمردين أو المتفلتين بأن يمرحوا ويسعوا خراباً ونهباً وترويعاً في المنطقة.
أحداث الفاشر كانت على ما فيها من مآسٍ حزينة وفقد جلل للأرواح، إلا أنها كانت إشارة وبشرى بتعافي المنطقة، ونجاح اتفاق السلام، ومتانة الالتزام به من قبل أطرافه؛ ووعيهم لمثل هذه المخاطر الضرورية من أجل بناء السلام في دارفور وبقية أنحاء البلاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons