الأزمة السودانية

اعترافات خطيرة من سكرتير حمدوك حول تجربة الحكومة السابقة

نشر السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك نقداً في نقاط موجزة كما سماها، لتجربة الحرية والتغيير في الفترة الانتقالية.
وقدم البراق النذير نقداً لتجربة الحرية والتغيير على صفحته في الفيس بوك خلال مشاركتها للمجلس العسكري الحكم وقال أن ما كتبه جاء بناء على معلومات تحصل عليها من خلال وجوده في مواقع عديدة بدءا من إعلام تجمع المهنيين وأثناء تقلده لمنصب السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الوزراء الانتقالي عبد الله حمدوك ومتابعته لانتقادات الإعلام لأداء الحرية والتغيير. وشملت الفترة التي غطتها ورقة البراق الفترة من ١١ أبريل ٢٠١٩ وحتى انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١.
وقال البراق في ورقته ان قوى الحرية والتغيير لم تكن منظمة ومتماسكة كفاية وفق رؤية واضحة ، مما جعل المكون العسكري يلعب على اختلافاتها وخلافاتها التي كانت في حقيقتها لأسباب ذاتية، ولحزازات تاريخية وسياسية بينها كتنظيمات خلال فترات التفاوض التي سبقت التوقيع على الوثيقة الدستورية
كما لم تلتزم بعض هذه القوى بإعلان الحرية والتغيير بالشكل الكامل ولم تضعه كمرجعية أساسية للتفاوض، بل وضعت طموحات وتطلعات وقراءات شخصية محضة لما احتواه من التزامات، بتضخم عالٍ للذوات، وبإحساس عظيم أن لها وصاية على الشعب وهي بالتالي تعلم ما لا يعلم ، علاوة على اعتماد المشاركة في فريق التفاوض بشكل تمثيلي عوضاً عن أن يكون عبر مشاركة وفق (مهام)، وبهذا لم يتم تكوينه بخبرات متنوعة متخصصة وفق الحاجة، فظهر ضعف الجوانب الفنية للفريق التفاوضي، خرج بموجبه اتفاقاً فيه جملة من النواقص، ساهم في حصول العسكريين على مكاسب وفيرة تمددوا بها في الفعل السياسي، وفي إدارة الدولة
كانت نتيجتها تقديم وفد قوى الحرية والتغيير التفاوض التنازلات للمكون العسكري، بعد مواكب 30 يونيو 2019 وحتى توقيع الاتفاق السياسي في17 يوليو 2019 شهد ما اسماه البراق نكوصاً مريعاً عن بعض بنوده المتفق عليها ذاتها كما حُوصر باتهامات متبادلة حول تفويض ممثل الحرية والتغيير للتوقيع، وهو اتهام لم يتم تفنيده-توضيحه-إثباته من أي جهة.

كما نادت أصوات وقيادات في الحرية والتغيير بألا تكون القيادات العسكرية التي تفاوض من ضمن مجلس السيادة، وعلى أن يكون شرفياً ليس اسماً ولكن في مهامه الموضحة والمحددة بدقة، ولم يتم الاستماع لها أو إقناعها

واضاف البراق في ورقته التي تم استعراضها في ورشة تقييم الفترة الانتقالية التي تنظمها صحيفة (الديمقراطي) وقوى الحرية والتغيير، بدار اتحاد المحامين بالخرطوم امس الاربعاء “في نهاية الأمر قبلت الحرية والتغيير بتمثيل متساوٍ للعسكريين والمدنيين في مجلس السيادة مع إضافة شخصية مدنية “ضعيفة” كاختيار مشترك بينهم والعسكريين، ثم وبعد ذلك دخلنا في صراعات محمومة لاختيار العضوية المدنية، وفي نهاية الأمر خضعت الحرية والتغيير لبعضها بمحاصصات واضحة للعيان، وتم تبرير ذلك بأنه اختياراً وفق تقسيم الأقاليم، ولكنه في الحقيقة كان اختياراً وفق هوى الكتل السياسية والضغط من بعضهم على بعض من أجل منع تثبيت أشخاص بعينهم”

والدليل على ذلك وفق البراق ان الشعب السوداني شهد جزءاً من هذا الصراع عندما اعلن احد مكونات الحرية والتغيير رغبته في الدخول للمجلس السيادي بصفة حزبية مُدعياً أنه لم يلتزم لأحد قبلاً بعدم المشاركة كما اتهم أحزاباً أخرى بالتحايل بترشيح أعضاء في مجلس السيادة مناصرة لهم عبر مكونات أخرى، وقد تهاونت الحرية والتغيير مع ذلك الادعاء ولم تقف عنده، بل جاءت عضوية السيادي لتمثل طيفاً محدداً من الأحزاب ، كما تدخلت قوى الحرية والتغيير في اختيارات رئيس الوزراء لمجلسه وذلك بالاتفاق فيما بينهم تواطئاً أو فعلاً، للضغط عليه ليقبل بالقوائم التي وضعتها اللجان المختصة بعد الجرح والتعديل، وتم الدفع بكوادر حزبية معروفة بوصفها كفاءات مستقلة وبعضها لم يكن كذلك وبعضها لا تتناسب قدراته والوزارة المرشح لها

وكذلك ما يتعلق بالسلطة المدنية الكاملة في الجهاز التنفيذالتي نص أن تكون من كفاءات مستقلة ولرئيس الوزراء كامل الحرية في اختيار الشخصيات المؤهلة تم الالتفاف عليه بتوازنات سياسية وضحت في دخول حزبيين لمجلس الوزراء وفي مشاركة العسكر في الاختيار.

لجنة تحقيق فض الاعتصام

ومضى السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء السابق في ورقته مشيرا لتنازل قوى الحرية والتغيير عن لجنة التحقيق الدولية في مجزرة فض الاعتصام التي حدثت في الثالث من يونيو 2019 ، كما تنازلت عن تشكيل لجنة إقليمية أو مختلطة، وتم الاتفاق مع العسكريين على لجنة تحقيق وطنية دون أن يسبق ذلك أو يلحقه التفكير الجاد والعملي في توفير الأرضية الفنية والتأمينية والمساعدات اللوجستية والمادية اللازمة لها، ليبدو وكأن هذا الأمر لم يكن سوى تعهد طارئ يمكن أن يتم نسيانه مع الوقت.

المجلس التشريعي
قال البراق ان قوى الحرية والتغيير لم تلتزم بقيام المجلس التشريعي المحدد في الوثيقة الدستورية بتسعين يوماً ورغم الضغط الشديد من الشعب ولجان المقاومة وحتى قواعد حزبية تنتمي للحرية والتغيير ذاتها، لم يتم إنجاز هذا التكليف مطلقاً حتى انقلاب البرهان. ولم توضح القوى المسؤولة أسباب تأخير قيام المجلس التشريعي بشفافية وبشرح وافٍ، ولكن بعض القيادات عزت ذلك التأخير لمجريات اتفاق جوبا للسلام ومطالبة المفاوضين بإرجاء تشكيل المجلس حتى تضمن حصتها فيه؛ أما الاتهام الرئيسي الذي راج كسبب منطقي هو الرغبة في استمرار الحال على ما هو عليه، وعزز ذلك الاتهام أن نفراً من قيادات الحرية والتغيير كانوا يقومون بهذه المهمة( دور المجلس التشريعي) ويتواصلون ويجتمعون مع السلطة التنفيذية والمجلس السيادي ويشاركون في صنع القرارات، وبالتالي ربما ما عاد من مصلحة بعض الأطراف قيام ذلك المجلس، كما أن هناك اتهامات أخرى من ضمنها الهرولة نحو نيل نصيب الأسد في المجلس التشريعي وعرقلة آخرين عن نيل هذا النصيب أو النصيب العادل، فكانت الصراعات سبباً آخراً في تعطيل قيام المجلس، مع التخوُّف المستمر من أن يكون هذا المجلس رقيباً حقيقياً يصعب تفادي رقابته، خاصة مع المطالبة المستمرة بدخول أطراف أخرى فيه كحق مستحق( مثال لذلك ممثلون للجان المقاومة وأحزاب ومكونات ثورية خارج الحرية والتغيير وأفراد غير منتمين حزبياً)

لجنة ازالة التمكين
وحول عمل لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة قال البراق ان اللجنة شهدت مجموعة من التحديات والمشكلات منها عدم توفر التمويل الكافي ما ألقى بظلاله على مجمل العمل كما تأثرت بعض المشاريع المستردة بالشح في تكاليف التشغيل والإدارة
وشكلت وزارة المالية عقبة حقيقية في وجه اللجنة، ورغم أنها الوزارة الرئيسية التي يرتبط بها عمل اللجنة، فقد كانت العلاقة سيئة في أغلب الأحيان بين رأس الوزارة واللجنة وذلك لأسباب تعددت بين الارتياب في جدية عمل اللجنة وقدرتها على إنجاز مهامها، والموقف السياسي من عمل اللجنة
اضافة الى تضارب مناهج الإدارة في لجنة الأموال المستردة التي كانت تمثل شراكة بين وزارة المالية واللجنة ، تم توريد أموال وموارد واُعيدت مستردات مربحة لمصلحة وزارة المالية وأنكرتها الوزارة ما زاد من أزمة الثقة بين الوزارة واللجنة، كما لم يتم تكوين لجنة الاستئنافات التي كان من الواجب تكوينها قبل بدء عمل اللجنة أو بالتزامن مع تكوينها
كما تأثرت اللجنة بالخلافات السياسية والرغبات والطموحات الذاتية، وقد انسحبت باكراً كوادر كان لها أدواراً مهمة في عملية التفكيك لتُعلي بانسحابها الالتزام الحزبي على الالتزام الثوري والوطني على حد تعبيره

وقال البراق “رغم تحذيرات وتنبيهات من قانونيين بضرورة الالتزام بالانضباط بالشكل والمحتوى القانوني في إخراج القرارات، إلا أن هناك أخطاء شابت عمل اللجنة وصدرت قرارات خاطئة ومتعجلة وغير مدروسة قانونياً بالشكل الكافي ، كانت بعض الأخطاء في قرارات الفصل والإحالة للعاملين يالوزارات والمؤسسات تأثرت بدوافع شخصية وربما انتماءات مريبة لعضوية اللجان الوزارية ،كما نشبت خلافات من وقت لآخر بين اللجنة والنيابة العامة وبودلت الاتهامات من الطرفين وطالت الاتهامات حتى مكتب النيابة التابع للجنة، وراج أن السبب الرئيسي وراء ذلك أن النيابة العامة تضج بمنتمين للمؤتمر الوطني وانتماءات أخرى وهم يحاولون معاكسة عمل اللجنة باستخدام سلطاتهم وباستعمال ثغرات قانونية

واضاف البراق ان بعض اللجان الفرعية والولائية للجنة ازالة التمكين تكونت وفق حسابات سياسية، وتم تعيين أفراد ومجموعات لإدارة مشاريع مستردة وهم لم يكن لديهم التأهيل والإمكانيات الكافية لذلك وساهم في ذلك تقصير وزارة المالية عن القيام بدورها في الاستلام والإدارة، وقد حدث هذا لعوامل تتباين بين توفر الثقة أو القربى التنظيمية أو الحزبية أو العلاقات الشخصية مع قيادات اللجنة. كما صحبت عمل اللجنة مجموعة من الأخطاء في العمل التنظيمي والإعلامي والإداري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons