اكتمال اعمال صيانة مصفاة الخرطوم لا يحل أزمة الوقود في السودان
طرح اكتمال اعمال صيانة مصفاة الخرطوم تساؤلات حول أزمة الوقود في السودان وحول أسبابها الجوهرية، حيث تتجدد هذه المعضلة في كل مرة في مشاهد الازدحام الكبيرة داخل محطات الوقود والشح في وسائل المواصلات وارتفاع قيمة تعرفتها، رغم تأكيد السلطات عودة مصفاة الخرطوم إلى العمل بكامل طاقتها الإنتاجية.
وكانت أزمة الوقود في السابق تنحصر بشكل رئيسي، بعدم توفر موارد كافية من النقد الأجنبي لتغطية فجوة الإنتاج المحلي عبر الاستيراد من الخارج، أو بدخول مصفاة الخرطوم للصيانة الدورية وتعطل الإنتاج المحلي.
ويغطي الاستيراد نحو 46.7 في المئة من فجوة البنزين المنتج محليا، إذ يبلغ حجم الإنتاج 2400 طن يوميا ويبلغ الاستهلاك المحلي 4500، فيما يغطي استيراد الديزل حوالي 47 في المئة بإنتاج 4700 طن يوميا واستهلاك 10 آلاف طن.
وتراجع إنتاج السودان النفطي بعد انفصال جنوب السودان في 2011 من 450 ألف برميل يوميا، إلى 60 – 70 ألفا حاليا، بما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد أكثر من 60 في المئة من المواد البترولية.
انتهاء اعمال صيانة المصفاة:
ودخلت مصفاة الخرطوم مطلع العام الجاري للصيانة الدورية التي تتم بإشراف من الصين، التي أنشأت المصفاة في تسعينات القرن الماضي، واستمرت الصيانة حتى مارس الجاري.
والأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الطاقة والنفط السودانية استئناف مصفاة الخرطوم وعودتها إلى العمل بطاقتها القصوى، إلا أن أزمة الوقود مستمرة في أنحاء العاصمة والمحافظات.
وأكد وكيل قطاع النفط بوزارة النفط والتعدين حامد سليمان حامد عودة مصفاة الخرطوم إلى العمل بطاقتها القصوى وعدم وجود أي مشكلات فنية في عملها. وبرر حامد في تصريحات صحافية، استمرار أزمة الوقود إلى وجود بعض الإشكاليات المتعلقة بشركات التوزيع، داخل الأسواق المحلية. وأوضح أن “توزيع المشتقات البترولية من المصفاة. لم يستقر بالشكل المطلوب في عدد من محطات الخدمة، ما يعني استمرار الأزمة بالنسبة لها.. نتوقع استئناف التوزيع خلال أيام”.
استمرار أزمة الوقود:
ورغم ذلك لا يزال أصحاب المركبات يمضون ساعات طويلة أمام محطات الوقود، من أجل التزود بالمشتقات البترولية وسط إغلاق عدد كبير من محطات الخدمة لأبوابها، فضلا عن أزمة مستفحلة في توفر غاز الطبخ.
ويعتبر الغاز المنزلي أحد المشتقات الأكثر طلبا في السوق المحلية إلى جانب البنزين والسولار، وأفقد غيابه القدرة على استمرار نمط المعيشة لدى غالبية الأسر في البلاد.
وكشف موظف بمحطة وقود في منطقة جبرة جنوب الخرطوم البشير إبراهيم “عن انخفاض الإمداد اليومي للمشتقات البترولية عن المعدل الطبيعي، الذي كانت تتلقاه المحطة قبل دخول المصفاة للصيانة”.
وقال إبراهيم إن “أزمات الوقود تساهم في زيادة معدل الاستهلاك، بسبب الهلع الذي يجعل أصحاب المركبات يتزودون بالوقود فوق حاجتهم الفعلية تجنبا لأي أزمات قريبة”.
وتابع “كذلك، هنالك مشكلات مالية بين الشركات المستوردة للوقود، مع وزارة المالية بسبب استحقاقات مالية”.
الاستثمار في القطاع النفطي:
ويأمل السودان أن رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، واستئناف تنفيذ الحوالات المالية الخارجية، يسهل دخول شركات طاقة أجنبية للتنقيب عن مصادر الطاقة التقليدية (النفط والغاز).
والعام الماضي، أعلن السودان وجود مناطق امتياز “بكر” لا تزال غير مكتشفة في شرق وجنوب وغرب البلاد. وعلى الأراضي السودانية حقول مكتشفة لكنها غير مطورة، ومناطق امتياز مجهزة للتنقيب بانتظار مستثمرين، في وقت يبلغ فيه احتياطي السودان المؤكد 6 مليارات برميل.
وقال وكيل قطاع النفط بوزارة النفط والتعدين حامد سليمان حامد “الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من النفط مؤكد عبر دراسات وأبحاث.. نستطيع الوصول إلى هذه المرحلة بعد أن تم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب الفرصة الآن مواتية لجذب استثمارات أجنبية”. وأكد المسؤول السوداني أنهم يحتاجون إلى إنتاج 140 ألف برميل نفط يومي، للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية، دون الحاجة للاستيراد.
ويعاني السودان من نقص حاد ومزمن في الوقود، ويمكن رؤية السيارات في صفوف طويلة أمام محطات الوقود بالعاصمة الخرطوم، لكن تكلفة دعم أسعار الوقود تثقل كاهل الميزانية العامة. وكانت مشاعر الاستياء تجاه طوابير شراء الوقود والخبز من بين العوامل التي أطلقت الانتفاضة التي أطاحت بحكم عمر حسن البشير في أبريل 2019.
وكان السودان سمح في أبريل الماضي للقطاع الخاص والبنوك باستيراد الوقود لأغراض النقل والتعدين والصناعة. ويتطلع السودان بعد شطبه من القائمة الأميركية لدعم الإرهاب إلى إعادة دمج اقتصاده في المنظومة العالمية، حيث ينتظر الاستتباعات الإيجابية لهذا القرار على المستوى الاقتصادي.