مقالات الرأي

الحزب الشيوعي السوداني متسيطر على كل الوظائف ويتظاهر

لا يمكن لمتابع حصيف لمجريات السياسة السودانية أن يصف الحزب الشيوعي بالخِفّة، لكنه وبكل ثقة يستطيع أن يقول إنه “شفقان” – بقاف يمنية – في مساعيه للوصول للنتائج التي يهدف لتحقيقها. وللوصول للغايات التي يستهدفها يسترخص كل وسيلة ولو كانت مما يكرهه المجتمع.
إنني أخص الحزب الشيوعي بالذكر تحديداً لقناعتي أن جناح مريم في حزب الأمة والمؤتمر السوداني والبعث ماهي إلّا: “البغلة المِبَارْيَة الخيل”.
ولخبرته تجنب الحزب الشيوعي أن يستوزر كوادره. فالوزراء يُقالون والوزارات تستقيل، ولذا آثر أن يوظف كوادره في 572 وظيفة مِفصلية حاكمة في الوزارات والمؤسسات الحكومية، ولمن يساوره شك في هذا فلينظر لمديري الجامعات ومديري المصارف كمثال واحد. وهكذا تمكن من تحقيق الكثير عبر هذه الوظائف المفصلية.
أما وسيلته الثانية الأشد تأثيرًا فهي تفريع عشرات الكوادر تفريغاً كاملاً ومدفوع الأجر للعمل في السوشيال ميديا، في حملات ضارية مهمتها تشويه الخصوم والحط من قدرهم ليخلوا لهم الجو فيبيضوا ويُصْفِروا. والتخويف والتشويه المباشر بحملات محسوبة وقاصدة تستهدف من بين الخصوم الشخصيات المؤثرة وصاحبة الرأي. كالحملة ضد بروفسر مأمون حميدة والشيخ دكتور عبد الحي يوسف. فمأمون حميدة بروفسر نابغ في الطب وله مؤسسات أكاديمية وعلاجية ناجحة وله كلمة مسموعة بين الأطباء الناجحين. وشيخ عبد الحي عالم وخطيب قوي الحجة وشجاع وله أتباع. واستهداف أمثال هذه النماذج كفيل بإخافة الآخرين الذين لهم رأي مخالف للحزب وأحزاب البغال التي تتبعه. وهنا طبق الحزب مقولة المصريين “اضرب المربوط يخاف السائب” بكفاءة عالية حققت أهدافها.
وكان من بين أهداف حملات ” الصدمة والرعب” shock and awe استهداف الشرطة وجهاز الأمن والجيش في دعوات لحل بعضها وإعادة هيكلة بعضها. فبجانب الحملات الإسفيرية، ومثلما أرسلوا “المشحونين” من صبية يفتقرون لحسن التربية وبنات مطلوقات لمنازل شيخ عبد الحي وبروفسور مأمون يسبونهم أمام أطفالهم بكل منكرٍ ومقذعٍ من القول، كذلك فعلوا مع الجيش والشرطة والأمن فوصفتهم بنت صفيقة “بأولاد الحرام ومغتصبي النساء”!!! وتجرؤا فسبوا البرهان قائد الجيش، وتوعده مناع وأحد أعضاء لجنة التمكين بزجه في سجن كوبر من باب “دُق القُراف خلى الجمل يخاف”، وحمّلوا شركات الجيش كل عثرات الاقتصاد. ثم قَتَلَ صبيانُهم ضباط الشرطة وجنودها في قلب الخرطوم.
باختصار فعلت تلك الحملات فعلها وحققت ما خُطّط لها، وهو التخويف. وكانت النتيجة أن صدَّقت القيادة أن تلك الأشباح موجودة على الأرض بعاتي ودمبعلو وزُمْبِي Zombi سينقض عليها ، وتستطيع الأشباح أن تفعل ما تشاء. وهكذا أصيبت القيادة بالشلل، فأصبحت تُعلن حالة الطوارئ فيخرج عليها الزمبي ليكسرها على رأسها، وتتوعد دون أن تنفذ، وتعد وتحدث جعجعة ولا نرى طِحْناً.
ولما استيقنت الطغمة الحاكمة أيام حمدوك أنها وحدها في الساحة سجنت وصادرت وقتلت واغتنت من الأموال، وقُبض على وزير الصحة أكرم وبحوزته آلاف الدولارات وأطلق سراحه فوراً . وحاكموا رئيس البلاد على دولارات أبرز وثائق أنه أنفقها على الصالح العام !!! وهذا مثال واحد على العدالة الحواتية ، عفواً أعني القحتية . ولم تحرك قيادة الجيش ساكناً.
ثم جاءت قرارات 25 أكتوبر، واستبشر الناس بتغيير كبير فإذا بالجبل يتمخض ليلد فاراً the mountain was in labor and produced a mouse
لجنة التمكين كانت لجنة سياسية واتخذت قراراتها وفق هذا التوصيف، فلماذا لا تِلغيها القيادة بقرار سياسي واحد بدلاً عن كل هذه “الجرجرة” في المحاكم وإهدار وقتها وجهدها فيما كان يمكن إصلاحه بقرار ببضعة أسطر!!!
وفي الأشهر الأخيرة أصدرت الخارجية بيانين يقولان أن سفراء الترويكا تجاوزوا حدودهم وخرقوا قواعد الدبلوماسية وأوغلوا في خاصة أمرنا، والقيادة السياسية العليا لا تحرك ساكناً بل وتتراجع عن قرار طرد سفير!!!
ترسل الدول الغربية مئات ملايين الدولارات لمنظمات دون استئذان الدولة. لتعمل منظمات في إشاعة مفاهيم النسوية والدفاع عن اللواط والسحاقيات، وهدم كل القيم التي أحببناها والدولة “عاملة أضان الحامل طرشا”. ليس في العالم دولة تسمح بإدخال العملات الاجنبية دون معرفتها ومعرفة أوجه إنفاقها إلّا دولتنا.
وباعتراف حميدتي فإن أفضل الوزارات تعمل بثلاثين بالمائة من طاقتها، فانتشر الفساد والرشى وانهارت الخدمات ولعب بنا تجار العملات وهُرِّب الذهب وانخفض إنتاج البترول من مائة ألف برميل إلى حوالي ثلاثين ألف برميل، ولا حياة لمن تنادى. الدولة الآن لا تكاد توجد أو هي في حالة بيات شتوي وصيفي!!! في التجارب العالمية لم تشهد دولة حَكَمَها شيوعيون حريةً أو ديمقراطية، والمراجع الفكرية لهم لا تؤمن بحرية لسواهم وكذلك الأمر في بلاد حكمها البعث. وتجاربنا في السودان خير شاهد. فهل يعوِّل قائد الجيش على هؤلاء لنستمتع بحريات وانتخابات وديمقراطية؟؟
في نوفمبر الماضي أعلنت بوربادوس إقالة ملكة بريطانيا من منصب رئاسة الجمهورية، وأعلنت استقلالها عن بريطانيا. والأسبوع الماضي أعلن رئيس وزراء جامايكا أنهم بصدد الاستقلال عن هيمنة بريطانيا. وكلا البلدين لا تكاد تراهما على خريطة العالم. البشر لا يحبون الهيمنة. لكننا لا نكاد نتخذ قراراً لا يوافق عليه ود زايد وسفراء الترويكا وڤولكر. دي شغلة شنو دي يا جماعة!!!
والناس في خوفهم على أمنهم وسلامتهم وهم يئنون من الجوع ينادون البرهان: حيّرني صمتك يا حنون
كلمني حاول حِسَّ بي..
كلمني والكاين يكون
بفرق كتير ويتحسب كل يوم يمر
بفرق كتير طعم الحلو لو يبقى مر.
صدِّقني لا أريد أن يغني لك الشُمّات غداً:
يا الجبت أحزانك براك
ضيعت حلمك من يديك
ما منك ما منك من العليك
نصحوك أبيت تسمع كلام
وهدوك أبيت ما تنهدي
والليلة حار بيك الدليل
ما عرفت من وين تبتدي.

دكتور ياسر أبّشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons