الأزمة السودانية

الفريق ابراهيم جابر وسفير السودان الجديد في الأمم المتحدة الذي عينه البرهان هل أنجزا المهمة وافشلا المشروع البريطاني


محاولة للتغطية على ضعف برهان وتردده في حسم أمور لا تحتمل ولا تحتاج إلى الوقوف في المنطقة الرمادية ولعل مجرد التحديد لوجود فولكر وبعثته لعام آخر يعتبره الشعب السوداني أمرا أمر من العلقم والغلاء والأزمات
بالتغريدة الحزينة التي وضعتها بعثة إيرلندا في الأمم المتحدة على صفحتها بموقع “تويتر” مساء الجمعة، يمكن التعرّف عن كثب، على حصاد “المصفوفة التوجيهية” التي بعث به السودان إلى مجلس الأمن في 18 أبريل الماضي لـ “ضبط أعمال بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الفترة الانتقالية في السودان – يونيتامس”.

قصة المصفوفة

في مارس الماضي، أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، عن إعادة تشكيل “اللجنة الوطنية المعنية بالتعامل مع بعثات الأمم المتحدة في البلاد”، برئاسة عضو المجلس، الفريق إبراهيم جابر. ومن مهامها “إحكام التنسيق بين الحكومة وبعثات الأمم المتحدة بمسمياتها كافة، ومنها بعثة يونيتامس”.

فكّرت اللجنة وقدّرت، وعكفت على دراسة وتقييم نشاط “يونيتامس”، وفق التفويض الممنوح لها حين انشائها، وأعدّت مصفوفة تشتمل على (11) محوراً، وكانت مرجعيتها، الوثيقة الدستورية واتفاقية سلام جوبا، بناءً على مخاطبات رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

مشروع بريطانيا

بعد 48 ساعة من وصول “مصفوفة السودان” إلى مضابط مجلس الأمن، أي في العشرين من مايو المنصرم، طرحت المملكة المتحدة “بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية”، صاحبة مشروع القرار – الهيئة المسؤولة عن تسهيل الأمور المتعلقة بشأن وثائق السودان لدى الأمم المتحدة – طرحت مشروع نص مبدئي على مجلس الأمن، لتجديد تفويض “يونيتامس”.

اشترط مشروع القرار – مع التجديد لبعثة “يونيتامس” – على استخدام لغة تعكس الوضع على الأرض منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.

وسعى نص مشروع القرار، إلى إدانة ما أسماه “حملة القمع العنيف التي تشنها قوات الأمن السودانية على المتظاهرين”، و”التنديد بالصراعات العنيفة التي تدور في دارفور”. و”الترحيب بآلية التعاون الثلاثي بين الاتحاد الأفريقي والإيقاد ويونيتامس، لدعم العملية السودانية لإنهاء الأزمة السياسية”.

واسترسل مشروع القرار الذي أعدته المملكة المتحدة في تفصيل أدوار “يونيتامس” في السودان، لتشتمل على “تفويضات” عديدة – بجانب مساعدة الانتقال السياسي في السودان – مثل دعم عمليات السلام وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام واتفاقيات السلام المستقبلية، والمساعدة في بناء السلام وحماية المدنيين وسيادة القانون، وتنسيق الجهود الإنسانية وجهود بناء السلام، ودعم المساعدة الاقتصادية والإنمائية وغيرها من المهام التي قد تحتاج “يونيتامس” إلى عقود من الزمان لإنجازها عطفاً على نتاج حصادها الصفري في العامين الماضيين!

تشبيكات جابر

في 22 مايو، أنجز الفريق إبراهيم جابر جولة أفريقية للسيطرة على كواليس التشبيكات التي تُعدّ في مطابخ مجلس الأمن.

وصل جابر إلى العاصمتين الغابونية ليبرفيل والغانية أكرا، والتقى رئيسهما “عمر بونغو”، و”تانا أكوفو” على التوالي وسلمهما رسالتين من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان تتصلان بالعلاقات الثنائية وتطورات الاوضاع في السودان بجانب “أداء بعثة اليونيتامس المتمثل في دعم الانتقال السياسي عبر تعبئة الموارد وخدمة اللاجئين والإحصاء السكاني وقيام الانتخابات”، فقط لا غير!

ولم ينس جابر في زيارته تلك، حث رئيسي الغابون وغانا على التنسيق مع كينيا لتوحيد الموقف من السودان، لأن ثلاثتهم أعضاء في مجلس الأمن الدولي. ولا بأس من التذكير، أن السودان كان عضواً في مجلس الأمن الدولي لدورة 1972-1973 أيام كان منصور خالد وزيراً للخارجية، وساند الكثير من الدول الأفريقية أيام كفاحها للتحرر من قبضة المستعمرين لها.

هزيمة حامل القلم
تُرى كيف انتهت التشبيكات التي أعدّتها بريطانيا العُظمى، أو “حاملة القلم على السودان في الأمم المتحدة”، حسب وضعها في المنظمة الأممية: (The Penholder On Sudan)

كيف إنتهت إلى زفرة الأسف الحارة التي أطلقتها رفيقتها أيرلندا؟

في 24 مايو، عقد مجلس الأمن إحاطة عن السودان، فأخرجت المملكة المتحدة مشروعها وطلباتها. قالت كينيا، إن “ما يهم مجلس الأمن، هو بناء قدرة يونيتامس لتنفيذ ولايتها بفعالية وكفاءة”.

قالت روسيا، “إن على يونيتامس، اتباع ولايتها بدقة، مع إيلاء اهتمام متساوٍ لجميع المكونات السياسية في السودان، والتأكيد على إجراء الانتخابات في يوليو 2023”.

احتدم الخلاف بين أعضاء المجلس حول لغة ديباجة مشروع المملكة المتحدة، وأعلن الأعضاء مثل الغابون وغانا وكينيا والصين والهند وروسيا دعمهم طلب السودان لرفض مشروع القرار الذي طرحته المملكة المتحدة والاكتفاء فقط، بـ “التمديد التقني”.

لم تجد المملكة المتحدة أمام هذا الموقف المساند لطلب السودان من غالب أعضاء مجلس الأمن، غير الخضوع لرغبة السودان والموافقة على “التمديد التقني”.

ويُستخدم مصطلح “تمديد تقني” من قبل الدبلوماسيّين لوصف قرار مُوجز يُمدد ولاية عملية السلام دون تغيير ولايتها أو مهامها الأساسية. ويشير إلى تمديد لفترة أقصر مما هو معتاد، ولكن الأعضاء يستخدمون المصطلح بشكل متزايد لوصف تمديد التفويضات الروتيني الذي لا يغير محتوى ومهام البعثات.

الأسف الأيرلندي

وضع مجلس الأمن مشروع قرار المملكة المتحدة جانباً، وصوّت صباح الجمعة، على مشروع قرار مقتضب بالرقم (2636)، كما هو وارد في الفقرة 3 من القرار 2579 (2021)، بالتمديد “التقني” لولاية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الفترة الانتقالية في السودان “يونيتامس” لمدة عام واحد، حتى 3 يونيو 2023.

أسقط المجلس مشروع المملكة المتحدة واعتمد مقترح السودان، لأن مشروع القرار الأول “غير متوازن ويفتقر إلى الموضوعية” كما قال السودان لأعضاء مجلس الأمن.

غرّدت أيرلندا بصوت أزرقٍ حزين، إنها “تدعم تجديد التفويض، لكنها تأسف لعدم الاتفاق على تغييرات جوهرية تعكس الوضع الحالي في السودان”. لعبتها بريطانيا وشغلت حكومة برهان بمشروع قرارها والذي كان الهدف الرئيس منه تمديد لعام آخر لبعثة فولكر وقد نجحت في ذلك للأسف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons