أخبار ساخنةالأزمة السودانية

رد القيادي بقوى التغيير خالد عمر يوسف على مجموعة غاضبون

إلى الرفاق في غاضبون بلا حدود

“الغضب على رداءة الأوضاع واجب لا يجب التخلف عنه .. واستماعنا جيداً لبعضنا البعض هو طريقنا نحو تغيير هذه الأوضاع”

تحية طيبة وبعد ..

استلمت رسالتكم التي وصلت عبر صفحتكم في فيسبوك ويسرني ويشرفني أن أرد عليها بقليل من التلخيص غير المخل إن أمكن.

فحوى الرسالة تلخصت في ظن غير صحيح بأن محتوى حديثي في ندوة السبت الماضي كان هو أن المدنية تطلب من العسكر وأن التسوية هي الطريق لها. هذا ملخص غير دقيق، رأيت أن أناقشه بتلخيص ما ورد الندوة، وجعله أساس لنقاش في بناء نتفق فيه ونختلف وصولاً لغاية واحدة هو سعينا للدولة المدنية الديمقراطية التي تتحقق فيها غايات الثورة المجيدة. أدناه تلخيص أهم نقاط الندوة وفقاً لتسلسلها الذي ورد:

١- هزيمة إنقلاب ٢٥ أكتوبر رهينة بتحليل طبيعته، وتحديد المهام ذات الأولوية، ومن ثم الاتفاق على الكيفية وأنجع الأدوات لتحقيق ذلك. مكونات الانقلاب ثلاثية تضم قيادة الجيش والدعم السريع وقطاع من عناصر النظام البائد، وهو تكوين يحمل تناقضات جوهرية لا تمكنه من الاستمرار، ونسبة لحقيقة تعدد الجيوش وانتشار السلاح، فإن أحد المهددات التي تطرحها تناقضات الانقلاب الداخلية هي الانزلاق بالبلاد إلى حرب أهلية شاملة توقدها الانقسامات القبلية والجهوية والتجاذبات الخارجية الاقليمية والدولية.

٢- وفقاً لذلك فإن المهمة هي إنهاء الوضع الانقلابي وما ترتب عليه، والتأسيس الدستوري الجديد لسلطة مدنية انتقالية كاملة دون رجوع للشراكة التي كانت قبل ٢٥ اكتوبر، لتنفذ مهام محددة وتقود البلاد لانتخابات حرة ونزيهة بنهاية المرحلة الانتقالية، وأن تشرع في معالجات شافية لقضية الإصلاح المدني والعسكري وتوحيد الجيوش في جيش واحد مهني وقومي ومحترف، وقضية العدالة بمعناها الشامل الذي يكشف الجرائم وينصف الضحايا.

٣- لتحقيق ذلك فإن الأمر رهين بتغيير توازن القوى لمصلحة قوى التغيير المدني الديمقراطي، لهذا التوازن عوامل عديدة تؤثر فيه تطرقت لها في الندوة، ولكن أهم هذه العوامل هي وحدة قوى الثورة والتغيير وتنظيمها وتنويع أدواتها وتوسيع قاعدتها، إضافة لعامل آخر هو كيفية استقطاب موقف دولي واقليمي داعم للانتقال، أو تحييده على أقل تقدير. تقسيم قوى الثورة على أساس أن هنالك مجموعة جذرية وأخرى ليست كذلك غير صحيح، فالغالب الأعظم من المجموعات المنخرطة في مقاومة الإنقلاب حالياً تطلب تغييراً جذرياً والفرق الحقيقي هو بين من يضع تصوراً لتغيير بضربة واحدة ومن يؤمن بأن التحول سيحدث خلال فترة ممتدة وبالتدرج .. تجارب التغيير بضربة واحدة في كل العالم إما قادت لشموليات بديلة أو حروب أهلية، لذا في تقديري فإن الانتقال الذي يقود لديمقراطية يتطلب الوعي بضرورة تمرحله وتدرجه في الاتجاه الصحيح.

٤- الوحدة بين قوى الثورة تتطلب بناء الثقة بينها، والثقة تتطلب الاعتراف المتبادل بالأخطاء، وهنا للحرية والتغيير دور مفصلي إذ أنها التحالف الذي قاد ثورة ديسمبر للنجاح في إسقاط البشير وقيادة الانتقال، لذا فإن التقييم الموضوعي لتجربته هي مفتاح تجويد كافة التجارب اللاحقة، وفي هذا السياق ذكرت أخطاء عديدة للتحالف أهمها عجزه عن توسيع قاعدته والتحول من مرحلة لمرحلة، وقصوره في التعبير عن القوى الحية التي انتظمت خلال وبعد ثورة ديسمبر، وضعف أدوات تواصله الجماهيري، وغياب الرباط المؤسسي بينه والحكومة الانتقالية، وكلها أخطاء تستوجب النقد والاعتذار وضمان عدم تكرارها لاحقاً. لكل الأطراف المدنية الأخرى أخطاء بطبيعة الحال ونقاشها يتم في إطار التقييم الموضوعي لكامل المرحلة الانتقالية وهو ما يعكف عليه الآن تحالف الحرية والتغيير.

٥- في تقديري فإن الخطأ لم يكن في التفاوض الذي أفضى إلى الوثيقة الدستورية. فالتفاوض لتسليم السلطة للمدنيين أجيز كوسيلة منذ يوم ١٣ أبريل وأعلن داخل ميدان الاعتصام وحددت الحرية والتغيير مطلوبات محددة له حتى توقيع الوثيقة، وإن كانت الوثيقة فعلاً تعطي السلطة للعسكر ولا تؤدي لتحول مدني ديمقراطي فلماذا انقلب عليها المكون العسكري؟ وطرحت هنا سؤالاً واضحاً لم أجد له إجابة حول ماهية السلطات التي منحتها الوثيقة للعسكريين والتي تخالف جوهر الانتقال المدني الديمقراطي؟ هذا الأمر لا يعني العودة لها، فإنقلاب ٢٥ أكتوبر خلق واقعاً جديداً له متطلبات جديدة.

٦- قضية الإصلاح الأمني والعسكري وتوحيد الجيوش تتطلب نقاشاً واسعاً لتحديد طبيعتها ومطلوباتها وهو أمر لا انتقال ديمقراطي أو وحدة لكيان الدولة بدونه. هذه القضية أهدافها هي النأي بالجيش عن السياسة، ووقف العمل السياسي من بين صفوفه، ودمج كل القوات الموازية الأخرى فيه عبر إطار زمني محدد، وتطويره وتحديثه وتقويته ليضطلع بذات المهام المماثلة في الدول الديمقراطية التي تنهض تحت القيادة المدنية المنتخبة والشرعية. هذا الأمر لا يمكن أن يتم بدون نقاش مباشر بين المدنيين والعسكريين في قيادة هذه المؤسسات. يتحدد الأشخاص والتوقيت لاحقاً وفقاً للمعطيات المتوفرة حينها، ولكن لا سبيل لبلوغ هذه الغاية بتجريم الوسيلة نفسها. يتطلب أيضاً هذا الأمر أن يتلمس كل من المدنيين والعسكريين المصلحة المباشرة من التحول الديمقراطي الذي يجب أن يخاطبها ولا يغفلها، فمتى ما شعر أي طرف بأن هذا التحول هو ضده وتوحد في ممانعته فلن يكون من الممكن إنجازه.

٧- إن التحول الديمقراطي يتطلب استخدام كافة الأدوات السلمية المقاومة والسياسية، وأن نجعلها تتكامل لا تتعارض، وإن مقياس تحديد الموقف من أي أداة من الأدوات هو فاعليتها في تحقيق الغايات المراد بلوغها، وهو أمر تختاره قوى الثورة وتحدد توقيته وطرقه بالنقاش الموضوعي بينها.

أخيراً .. من المهم للغاية أن نعلي من قيمة النقاش الموضوعي بين جميع القوى التي تطلب التحول المدني الديمقراطي، وأن ننأى عن الفخاخ التي تنصبها قوى الثورة المضادة والتي تستخدم الوسائط الالكترونية ضمن أدوات عملها باجتزاء ما يقال وتقطيعه وإثارة التناقضات بين صفوف طالبي التحول المدني الديمقراطي.

مع تحياتي وتقديري
خالد عمر يوسف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons