لماذا وافقت القاهرة على مقترح السودان لتحريك مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
أعلنت القاهرة موافقتها على المقترح السوداني لتطوير آلية مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، عبر تشكيل لجنة رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في إشارة إلى توحيد الرؤى بين الجانبين، بينما أكدت أديس أبابا عبر مستشارها القانوني بوزارة الخارجية الإثيوبية، استمرار بلاده في تعبئة المرحلة الثانية بعيدًا عن المفاوضات الدائرة حاليًا.
تصريح مستشار مركز الأهرام
يقول الدكتور هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن موافقة القاهرة على الاقتراح المقدم من السودان يأتي نتيجة فشل الاتحاد الأفريقي في تقريب وجهات النظر خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الأمر لم يقتصر على مقرح جديد بل يعد مرحلة جديدة في تدويل القضية.
وأضاف رسلان لـ”مصراوي”، أن الجهات التي تم ذكرها في المقترح جميعها تمتلك العصا والجزر، خصوصًا أن الدول الثلاث يتلقون دعمًا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، لافتًا إلى أن الأمم المتحدة لديها أيضًا بعض التحفظات على أديس أبابا بعد أحداث “تيجراي”.
وأوضح مستشار مركز الأهرام، أن تمسك إثيوبيا برفضها لتدخل تلك المؤسسات كما أعلنت، يزيد من عزلة أديس أبابا، ووصفها بأنها دولة لا تحترم القانون الدولي وتزيد التوتر في المنطقة، لأن المشروع سيؤثر على حياة 140 مليون مواطن في دولتي السودان وإثيوبيا.
وأشار رسلان، إلى أن مصر تلعب دورًا رئيسيًا في العديد من القضايا الإقليمية على رأسها دعم قضايا الأمن والغذاء وتحقيق أقصى استفادة من موارد القارة، مضيفًا: “التعنت الإثيوبي يزيد من حجم الأزمة ويهدد فرص استئناف مسار التفاوض”.
وشددت اللجنة السودانية على رفض اتجاه إثيوبيا لتنفيذ الملء الثاني لبحيرة السد قبل التوصل لآلية تنسيق مشتركة بين البلدين.
وأكد الدكتور مساعد عبدالعاطي، خبير القانون الدولي، أن المقترح السوداني أدخل الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي والأمم المتحدة وجميعهم لديهم خبارات في هذا الشأن عكس الاتحاد الأفريقي الذي لا يمتلك مثل هذه الخبرات، موضحًا أن الموافقة تعد نقلة مهمة فيما يعرف بتوحيد الرؤى والتنسيق المشترك في كافة المجالات الفنية والدبلومسية بين البلدين.
ولفت عبدالعاطي في تصريحات خاصة لـ”مصراوي”، إلى أن الموافقة على الاقتراح يؤكد رؤية القاهرة في السير قدمًا في طريق المفاوضات، مؤكدًا أن الاستعانة بتلك المؤسسات الدولية الحيادية يعزز من موقف القاهرة.
ونوه الخبير القانوني، إلى أن اللجنة ستكون محايدة ويمكن الاستعانة بـ”آرائها ومقترحاتها” شريطة أن يلعبوا دور رئيسي وليس كمراقبين فقط.
واستقبل الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، ألفونس نتومبا منسق خلية العمل المعنية بالرئاسة الكونجولية للاتحاد الأفريقي والوفد المرافق له والذي يقوم بزيارة للقاهرة حاليًا للتعرف على آخر التطورات الخاصة بملف سد النهضة الإثيوبي، في ضوء رعاية الاتحاد الأفريقي لمسار المفاوضات الحالية.
وقال الدكتور عباس الشراقي، خبير الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن موافقة مصر على المقترح السوداني تمثل في تعديل الخرطوم رؤيتها من التمسك بالخبراء الآفارقة فقط؛ نظرًا لعدم خبرتهم في تلك القضايا، موضحًا أن موافقة على أي طريقة لعودة المفاوض القاهرة والخرطوم يسابقون الزمن لعودة استئناف المفاوضات قبل عملية التخزين الثانية.
وأضاف الشراقي لـ”مصراوي”، أن الخبراء يكونوا وسطاء وليس دورهم مراقبين فقط، لافتًا إلى أن اثيوبيا تمسكت برفضها لدور الوسطاء، ويكون دور المراقبين على إدارة الجلسات وعرض المقترحات إذا طلب منهم.
وأشار خبير الموارد المائية، إلى أن إثيوبيا تعيد أحداث التخزين الأول من خلال السماح برعاية المفاوضات مثلما حدث في واشنطن، ومع الوقت تحول دور الولايات المتحدة الأمريكية لوسيطة، وسريعًا ما انتقدت أديس أبابا دور الولايات المتحدة، مضيفًا: “تصريحات الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري المصري تضمنت رسائل دعم لدولة الكونغو في رئاستها للاتحاد الأفريقي وتحديدًا في هذا الملف”.
وناقش الأطراف خلال الاجتماع مناقشة المقترح الذي تقدم به السودان سابقًا والذي تؤيده مصر، لتطوير آلية مفاوضات سد النهضة من خلال تكوين رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في المفاوضات تحت رعاية وإشراف الرئيس “فيليكس تشيسيكيدي”، لدفع المسار التفاوضي قدماً ولمعاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب فرصة ممكنة.