السودان والتطبيع مع إسرائيل.. الحرب بين مؤيد ومعارض
يتأجج الصراع في السودان بين مناهضي ومؤيدي التطبيع مع إسرائيل لكسب الأنصار لكل طرف، عن طريق التوقيعات الإلكترونية وملء الاستمارات، وهي معركة تقسّم السودانيين بين خندقين.
وطرفا هذا السباق هما: القوى الشعبية لمقاومة التطبيع “قاوم” التي أعلنت أمس السبت تجاوز المليون توقيع إلكتروني رافض للتطبيع، وبين جمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية التي أكدت بدورها أن أكثر من 157 ألف شخص قد ملأ استمارة عضويتها.
ومنذ لقاء جمع رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عنتيبي الأوغندية في فبراير/شباط 2020، تسارعت خطى التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار وفد عسكري إسرائيلي السودان، وبعدها بشهرين في يناير/كانون الثاني زار وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين الخرطوم على رأس وفد كبير.
وقبلها بأيام، وقّع السودان أثناء زيارة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين للخرطوم على اتفاقات أبراهام التي جعلت التطبيع مع إسرائيل رسميا، ليجيز مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي مشروع قانون إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل لسنة 1958.
مقاومو التطبيع
ومنذ مارس/آذار الفائت، ابتدرت القوى الشعبية لمقاومة التطبيع “قاوم” التي تضم أحزابا وتيارات إسلامية، سلسلة لقاءات لحشد المناهضين للتطبيع على صعيد واحد.
ومن ضمن الموقعين على ميثاق “قاوم”: حزب المؤتمر الشعبي، وحركة “الإصلاح الآن”، ومنبر السلام العادل، وحزب المسار الوطني، وتجمع الشباب المستقلين، وهيئة علماء السودان، والاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة، وجماعة الإخوان المسلمين، ورابطة “إعلاميون ضد التطبيع”.
وشملت لقاءات “قاوم” التي استمرت حتى الشهر الحالي، رموز الطرق الصوفية وزعماء القبائل وقادة أحزاب سياسية بعضها منضوٍ تحت الائتلاف الحاكم “قوى إعلان الحرية والتغيير”.
ومن ضمن الذين شملتهم هذه اللقاءات -وفق الحملة- الخليفة الشيخ الطيب الجد خليفة الشيخ ود بدر رئيس المجلس الأعلى للتصوف، والخليفة الشيخ عبد الوهاب الشيخ الكباشي، وناظر عموم قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك، والداعية محمد مصطفى عبد القادر.
كما شملت اللقاءات القيادي في الحزب الناصري ساطع الحاج، والقيادي في حزب الأمة القومي عبد الرحمن الصادق المهدي.
وتعهد مسؤول الإعلام في “قاوم” الصادق الحاج، باستمرار اللقاءات التي يمكن أن تشمل حتى الحزب الشيوعي والبعثيين، بوصفهم من الرافضين للتطبيع.
حرب الكترونية
ويوم السبت أعلنت “قاوم” أنها ظفرت بأكثر من مليون توقيع إلكتروني رافض للتطبيع، وأنها ستمضي لمرحلة ثانية لم تكشف عنها بحسب أحد مسؤولي الكيان.
وقال مسؤول العاصمة في القوى الشعبية لمقاومة التطبيع محمد نور السموأل، إنهم ذهلوا من حجم الاستجابة للتوقيعات، رغم أن الحملة اتسمت بالبطء في البداية لكن الزيارات الميدانية نشطتها.
وأوضح في مؤتمر صحفي أنهم تفاجؤوا باختراق قراصنة إنترنت (هاكرز) صفحة التوقيعات بعد بلوغها ربع مليون توقيع، متهما المنصة التي كانت تستضيفها بحظرهم جراء ضغوط تعرضت لها، دون أن يوضح مصدر تلك الضغوط.
وأفاد أن “قاوم” سارعت بإنشاء منصة خاصة بها على الإنترنت، وبعد 3 أشهر بلغت التوقيعات 500 ألف توقيع، والآن وصلت إلى أكثر من مليون توقيع.
وبدخول الرابط الجديد لصفحة التوقيعات، وبعد تسجيل بيانات تتعلق بالاسم والمنطقة، اتضح أن عدد الموقعين بلغ مليونا وألفا و14 شخصا، لكن العملية تتم من دون إجراءات تحقق من الموقعين.
موالو التطبيع
في المقابل وبعد أن أعلنت الحكومة الانتقالية إجازة مشروع قانون إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل الساري منذ 1958، روجت جمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية -المشكلة حديثا- لاستمارة عضوية للالتحاق بها.
وبحسب حديث رئيس الجمعية حسين قمر للجزيرة نت، فإن الاستمارة قديمة وتمت إجازتها في مايو/أيار 2020، وكان ينتظر طرحها في مؤتمر صحفي حظرته السلطات في سبتمبر/أيلول الماضي، لتدشين أعمال الجمعية.
ويقول إنه خلال عام وصل عدد الأعضاء الذين ملؤوا استمارة العضوية -التي تحصلت الجزيرة نت على نموذج لها- إلى 157 ألفا و512 شخصا، وما زالت الأعداد متزايدة يوميا.
وفي فبراير/شباط الماضي، وفي أول ظهور علني ليهود السودان، استضاف أحد فنادق الخرطوم ملتقى دينيا شارك فيه يهود سودانيون، وخاطب الحضور حاخام من القدس عبر مقطع فيديو مسجل.
اشتباك قانوني
وما إن يصبح مشروع قانون إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل ساريا، فسيكون نشاط المناهضين للتطبيع في السودان في مواجهة السلطة الانتقالية التي حسمت أمرها لتمضي في التطبيع.
ويقول وزير الثقافة والإعلام المتحدث باسم الحكومة حمزة بلول إن الحرية أهم القيم التي أعلت من شأنها الثورة، لهذا تحرص حكومة الفترة الانتقالية على تعزيز الحريات العامة والحفاظ على حق الأفراد في التعبير عن رؤاهم السياسية.
ويؤكد بلول أن التشريع الخاص بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل لعام 1958، لم يكمل مراحل التشريع بعد، وينتظر إجازته من المجلس التشريعي المؤقت “الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء”، دون أن يحدد موعدا لذلك.
وتابع “في حال تمت الإجازة للقانون وصار ساريا، فالحكومة حريصة على حفظ حقوق كل المواطنين في التعبير عن آرائهم السياسية، دون حجر على أي جهة”.
استعداد للطعن
ويبدي عضو القوى الشعبية لمقاومة التطبيع الصادق الحاج، استعداده لمواجهة أي تبعات حال إجازة التشريع، مصرحاً “نحن مقاومة، وطالما ارتضينا ذلك فيجب علينا تقبل الثمن”.
ويشير إلى أنهم وعبر طاقم قانوني يتأهبون لتقديم طعن دستوري ضد الحكومة الانتقالية لتطبيعها مع إسرائيل، حال تم تشكيل المحكمة الدستورية.