مقالات الرأي

النيل الأزرق تزف والحاكم يتفرج



شهدت عدد من مدن السودان المختلفة خلال الأسابيع الماضية مظاهرات حاشدة وقاضبة جراء احداث عنف دامية بين الهوسا وقبائل الانقسنا ادت لمصرع 105وجرح نحو 291 اخرين بحسب احصاءات رسمية.
وبدأ أهالي قبيلة الهوسا بالتوجه إلى القيام بمظاهرات واسعة النطاق في مختلف مدن ولاية النيل الأزرق مطالبين الحكومة بإقالة حاكم إقليم النيل الأزرق أحمد العمدة بادي الذي فشل في توفير الأمن والإستقرار لمواطني الاقليم رغم صلاحيات ـ الحكم الذاتي ـ الواسعة وفقاً لإتفاقية سلام جوبا الموقعة في 3/أكتوبر 2020م التي جاءت بالعمدة محمولاً على رفعة (السلام سمح ) وجلس على الكرسي الوثير، لكي ينهي سنوات القتل والتشريد والسحل والظلم والفقر والفاقة والتهميش ،لكن سرعان ماـ تجددت الأحزان وزفت الدمع الهتون وتوشحت الروصيرص ود الماحي بالسواد حزنا على ارواح نفر كريم من ابنائها الذين قتلوا في النزاع القبلي ،بينما حاكم الاقليم وظل يعلب دور المتفرج لولا تدخل المركز والدفع بتعزيزات عسكرية اضافية لحدث ما لايحمد عقباه .
كل ذلك يجعل من إقالة العمدة اليوم قبل الغد وقبل (الفأس يقع في الرأس ) كما هو الحال في المثل الشعبي ، أما الخيار الثاني هو تقديم إستقالته للحفاظ على كرمته .
إقالة العمدة وحدها ليس كافية لحل النزاع القبلي ،بل المطلوب من النائب العام المكلف اسراع في إعلان نتائج التحقيق الذي إجرته النيابة عقب إحداث ، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المتورطين ،وإنصاف قبيلة الهوسا المتضررة من طرف الجهات المعنية المتمثلة في حاكم الإقليم، لم يحرك الأخير ساكنا ولم يقم بأي إجراء يوحي بالإرادة الفعلية لإيجاد حلول للأزمة وتقديم المتورطين في هذه الأحداث للعدالة واكتفي بقول أن الحياة في ولاية النيل الأزرق عادت إلي مجراها، وعقب هذه التصريحات المستفزة لقبيلة الهوسا التي فقدت أكثر من 100 قتيل، ثار غضب أهالي القبيلة ما جعلهم يطالبون برحيل حاكم الولاية في أقرب وقت وإلا ستشمل المظاهرات المدن الأخري للوطن بما فيها الخرطوم.

أما السبب الآخر للمظاهرات هو تصريح وزارة الطاقة السودانية حول اكتشاف إحتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي في ولاية النيل الأزرق ودعوة شركات التنقيب عن الغاز للإستثمار فيه، وهو ما أثار اهتمام الشركات الغربية الأوروبية التي تعاني من ندرة حادة في إمدادات الغاز بسبب وقف روسيا مدهم بالغاز بعد تهور العلاقات الثنانئية بين الإتحاد الأوروبي وروسيا بسبب الأزمة الأوكرانية وتداعياتها.
وقد أعربت العديد من الشركات الأوروبية بالفعل عن رغبتها في مناقشة إمكانية الإستثمار في الغاز السوداني المتواجد في إقليم النيل الأزرق مع حاكم الإقليم أحمد العمدة بادي. وبالعودة إلي تاريخ تواجد ونفوذ القبيلتين الهوسا والبرتا في المنطقة، نجد أن قبيلة البرتا هي صاحبة الأرض ولديها وزن إداري كبير في الولاية مقارنة بقبيلة الهوسا التي لا ناقة لها ولا جمل في المنطقة باعتبارها ليست من السكان الأصليين للولاية، وبالتالي حرمانها من الحق في المناصب الإدارية، وهذا ما سيجعل من قبيلة البرتا ذو حظ أوفر للإستفادة من مشروع الغاز الذي ستستثمر فيه الشركات الأوروبية مقارنة بقبيلة الهوسا، ويري خبراء مختصون بالوضع السياسي السوداني، أن حاكم الإقليم سيتمسك بقبيلة البرتا أكثر من السابق وسيقوم بتعيين الكثير منهم في مناصب شغل سيتم فتحها مع البدء في أشغال المشروع الأوروبي لإستخراج الغاز، كما سيعمد حاكم الإقليم إلي تهميش قبيلة الهوسا أكثر من السابق.

ختاماً :
هذه البلد متعددة ومتنوعة الأجناس والاثنيات ،يجعل الجميع في تحدي كيف نحترم وندير التنوع الثقافي والاجتماعي؟ قبل ذلك لأبد من نبذ العنصرية والجهوية وكل ما شأنه يؤدي إلى العنف ،وعلينا جميعاً السعي وراء تحقيق التعايش السلمي بين جميع مكونات الجميع في سودان يسع الجميع دون إقصاء أوتميز تكون المواطنة أساس الحقوق والواجبات .

سناء مادبو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons