أخبار ساخنةأهم الأخبارالأزمة السودانيةالسياسية العربيةالوطن العربي والعالممقالات الرأي

عن ملحمة القيادة؛ الجزء الثاني الجيل الراكب راس؛ كان وسيظل هو الحل

عن ملحمة القيادة؛ الجزء الثاني

الخرطوم : عماد الدين ميرغني

عن ملحمة القيادة؛ الجزء الثاني

الجيل الراكب راس؛ كان وسيظل هو الحل

خلال هذا الأسبوع ما زال جميع من شاركوا في ثورة ديسمبر يتداولون ذكريات إعتصام القيادة العامة الذي بدأ في تاريخ 6 أبريل 2019 والذي بدأ بعد صولات وجولات من المواكب الحاشدة على مستوى العاصمة والولايات.

والحقيقة تقول أن ما حدث في الخرطوم خاصةً يحوي الكثير من المسائل التي من المُفترض أن تُطرح بالتفصيل لمناقشة مختلف القضايا، الإجتماعية والإقتصادية والسياسية.

واقع ذلك الحشد؛ أنه ضم غالب أطياف السودانية المختلفة، بحُكم التغيير على المستوى السكاني، والذي أدى إلى الزيادة السكانية الكثيفة على مستوى العاصمة المثلثة تحديداً.

لم يكن هتاف “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور” وليد الصدفة بعد ذلك المؤتمر الصحفي الذي تم فيه بث فيديو إعترافات لطلاب من دارفور بالتخطيط لعمليات تخريبية وقتما اندلعت التظاهرات في عطبرة ومن ثم في الخرطوم.

كنداكات في اعتصام القيادة العامة

إذ أن طلاب دارفور حاضرين بقوة في جامعات العاصمة، وتعايش معهم الجميع من كل حدب وصوب وتفهم مشاكلهم من جرّاء الحروب المستعرة والظروف التي يعيشها ذلك الإقليم.

كذلك الحال بالنسبة لكل المناطق التي عانت ويلات الحروب مثلما هو الحال في جبال النوبة والنيل الأزرق، ما يؤكد أن أزمات هذه الدولة حضرت في العاصمة بحضور إنسانها، الأمر الذي أدى إلى إصطفاف الجميع في مواجهة النظام البائد.

لكن كيف حدث ذلك؟

اعتصام القيادة العامة

الإجابة تكمن في تراكم السنين الطويلة التي حدث فيها التداخل بين مختلف هذه المكونات داخل بعض الحواضن الفعّالة، وهي التي خلقت تلك الحشود في ثورة ديسمبر.

الجامعات السودانية كانت هي الحواضن الفعّالة التي جمعت بين مختلف أطياف الشباب السوداني،

 ثم بعد ذلك؛ فإن عدة حواضن جمعت بين مختلف هذه الأطياف المختلفة، لكن أبرزها كانت مجموعات العمل التطوعي، جمعت كم كبير من الشباب السوداني على روح التعاون والمبادرة.

كنداكة سودانية

هذا المسار المتراكم تحديداً هو أحد أبرز أسباب نجاح الحراك الذي إقتلع النظام البائد؛ خصوصاً إعتصام القيادة العامة الذي من المفترض أن يُضرب به نموذجاً فريداً في التاريخ السوداني.

فما ميز إعتصام القيادة العامة؛ هي القاعدة التي كانت تُباشر مبادراتها بنظام وانسجام كبير في مختلف المهام، في التأمين وفي مجال الأطباء وفي الإمدادات للإعتصام.

 وفي لجان العمل الميداني وغيرها من المهام، عِلماً بأن هذه القاعدة العريضة التي باشرت بالمبادرة داخل الإعتصام لم يكن لها من يرأسها لتحديد وتسيير المهام، فالأمر يتم بشكل جماعي بكل تفاهم.

الاطياف السودانية تجتمع

إذن؛ مختلف الأطياف السودانية إجتمعت على تسيير هذه الثورة، وبادرت مجتمعة دون فرز أو تمايز، وهذا ما يؤكد ما طرحه أبو القاسم حاج حمد قبل 16 عام من الآن في ندوته الشهيرة بأبوظبي،

 عندما قال بشأن أزمة السودان السياسية: “عملية إعادة الطرح بطريقة وطنية ديمقراطية تعتمد على الجيل الثالث”.

والجيل الثالث الذي كان يقصده الراحل أبو القاسم حاج حمد هو جيل الذي كان يدرس في الجامعات السودانية آنذاك، والذي استشهد به في إحدى التظاهرات التي حكى عنها.

 والتي كانت تطالب بوقف الصراعات والإعتداءات في دارفور، مؤكداً أن خروجه كان لغرض التأكد من أن هذه التظاهرات هل سيخرج بها أبناء دارفور لوحدهم أم كل الطلاب دون فرز.

 وكانت النتيجة أن كل أبناء الجامعات دون فرز بما فيهم أبناء دارفور، فقال: “عرفت تماماً أن هذا هو الجيل المطلوب”.

جيل الثورة

جيل الثورة

ولو حضر أبو القاسم حاج حمد بنفسه إعتصام القيادة العامة، لأكد لنا مرة أخرى أن هذا الجيل الذي كان فاعلاً في هذه الثورة هو الجيل المطلوب لإعادة طرح قضية الديمقراطية التي من المفترض أن توحد الشعب السوداني.

وبالرغم من حجم التحديات التي تمر بها الدولة في الوقت الحالي، إلا أن هذا الجيل الفاعل بقوة في هذه الثورة هو الأكثر قابلية للفهم والإتساق مع قضية العقد الإجتماعي الجديد.

 والذي من المفترض أن يتم بموجبه مشاركة الجميع داخل حدود هذه الدولة في إتخاذ القرارات التي من شأنها رفع هذه الدولة ونموها وتصاعد وتيرتها في البناء والتعمير.

صحيح أن النظام البائد عمل جاهداً لزرع الوعي المشوه عبر التعليم ووسائل الإعلام والمنصات التي كانت تقدم خطابه البالي كمنابر المساجد.

دور وسائل التواصل الاجتماعي

اسرة سودانية في ساحة الاعتصام

 لكن تكنولوجيا الإتصالات ووسائل التواصل الإجتماعي لعبت دورها في إخراج الجميع من صندوق النظام البائد وساهمت في زرع روح التمرد القوي في وجه النظام بكل أسلحته القامعة.

وهذه الوسائل الحديثه من المفترض أن يكون لها دورها في المساهمة في زيادة كتل الوعي التي تخدم المصلحة العامة للمُضي قُدماً في التأسيس لدولة ديمقراطية بمعناها الحقيقي.

فالأمر في الوقت الحالي يتطلب تفهم ترتيب الأولويات لتحقيق مكتسبات الثورة. أولى هذه الأولويات تتمثل في تحقيق السلام الشامل وبشكل حقيقي لمشاركة الجميع في إتخاذ القرارات التي من المفترض أن تعبر بالدولة السودانية إلى بر الأمان.

ثم بعد ذلك؛ كيفية إعادة تقسم الدولة من الداخل، بحيث تكون لكل منطقة سياساتها الخاصة على مستوى الإدارة؛ خصوصاً في الأنشطة الإقتصادية،

وبذلك تكون قد تحقق المعنى الحقيقي لفيدرالية الدولة، وهي الطريقة الفعّالة التي من شأنها أن تساهم في بناء كل رفعة جغرافية داخل هذه الحدود.

الخلاصة

اسرة سودانية في الاعتصام

 أن الجيل الراكب راس؛ وهو الجيل الذي هزم النظام البائد؛ كان وسيظل هو الحل.

فبحجم التضحيات التي قدمها في حراكه ضد البشير وحكومته، فهو قادر على فهم متطلبات المرحلة الجديدة لإعادة تأسيس الدولة، خصوصاً في الجانب الإجتماعي الذي ظل هو المعضلة المعقدة العصية على مدار 64 عام؛ من الإستقلال وإلى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons