مقالات الرأي

الحقيقة المرة في حكاية لقمان

مرة جدا الحقيقة في حكاية لقمان وهي أننا شعب يمكن خداعه بسهولة واستغلاله في أي غرض .. لم ينتبه كثيرون إلى التوقيت الذي تمت فيه واقعة التنمر على لقمان وتم فيها حشد ثلاثة عناصر دفعة واحدة !! وهي سب العقيدة ، وسب عنصري ، وهجوم على الثوار . وفي تسريب من محكمة انقلاب الانقاذ .
اليس هناك عاقل يسأل :

  • كيف تسمح المحكمة بمايكروفون يبث الصوت وهو مسموع في القاعة ويتحدث فيه الشخصان المزعومان ، ويسمعهما الجميع ولا يسمعان هما أو يشعران أن صوتهما مسموع .
  • وهل يعقل أن يحدث ذلك في محكمة كبيرة كهذه ولا تتخذ فيها أي إجراء يحفظ هيبة المحكمة .
  • لماذا لم يحدث في تاريخ محاكمات الانقاذ أن تم تسجيل او تسريب لأحاديث المحامين وقد دارت بينهم أحاديث خطيرة ومهمة طيلة ثلاث سنوات وعقدت فيها عشرات الجلسات . لماذا التسريب الٱن ولم يسمع فيه إلا أحاديث التنمر هذه .
    التسريب كان أقل من أربع دقائق ، وكانت كلها قاصرة على الحديث عن لقمان !!!
    التوقيت كان مدهشا :
    لقمان خسر الحرب كلها دفعة واحدة ، وكانت النهاية إقالته من منصبه فانسد أمامه الباب لتنفيذ متبقي طموحاته السياسية .
    وواجهته الدولة بمسئولية الإنحراف عن أداء مهمته التي تفرضها شروط ومتطلبات وظيفته كمسئول في حكومة السودان ، إما أن يؤديها كما تطلب الحكومة التي عينته ، وإما أن يستقيل إذا لم يكن موافقا على ماهو مطلوب ، ويذهب ليفعل ما يريد وفي غيرها متسع ، وإما أن تقيله الدولة التي عينته وقد فعلت .
    هنا تشير الدلائل إلى أنه لا بد من عمل إحترافي رفيع ينقذه ، وأن يكون هذا العمل بطريقة رفيعة ذكية تمس في شعبنا أوتارا بالغة الحساسية كالعنصرية وسب العقيدة .
    هنا انتفضت جهات لا حصر لها تستنكر ما أصاب لقمان ، وتندد بالعنصرية ، وتبكي على سب العقيدة ، وعلى التهكم على أنفه !!
    لا شك في أننا وكل سوداني يرفض سب العقيدة والسب العنصري ، لكن إذا كان المتحدث مجنونا فليكن المصطنت عاقلا . فإذا لم يكن الأمر مصنوعا دعنا نجرد الأمر . فالموضوع أن مواطنا سب العقيدة ، وسب مواطنا ٱخر بصفات عنصرية ، مهما كان المعتدي والمعتدى عليه . لماذا تحول الموضوع إلى موضوع سياسي . ولماذا نشطت الأحزاب والكيانات السياسية والمهنية راكبة خيول الإستنكار والتنديد .
  • أين كانت هذه الكيانات السياسية وعبارات العنصرية تنشر وتذاع على أوسع نطاق مستهدفة الكثيرين _ كالفريق أول الكباشي الذي نال السب العنصري شخصه وتعدى بما هو أكثر وكذلك حميدتي شاتمة عنصره مشككة حتى في سودانيته_ .. وأين كان هؤلاء المستنكرون عندما كانت العقيدة تسب سبا جماعيا في المواكب ، وحين كان الجيش والشرطة والبرهان يسبون بألفاظ سوقية نابية .. لماذا لم تستنكر هذه الأحزاب والكيانات هذا السلوك ؟ لأن الأصل هو رفض العنصرية ورفض سب العقيدة وسوء الأدب والخروج على الأخلاق بما يخدش الحياء ، بصرف النظر عن من وجهت إليه من بني وطننا ، لانها مرفوضة كقيم وأخلاق وليست قاصرة على شخص واحد رغم أننا نرفض أن يسب هذا الشخص .
    وأين كان هؤلاء المستنكرون عندما إختطف صحفيون وسلبت ممتلكاتهم وحين اختطفت الفتيات واغتصبن وقتلن وقطعت اجسامهن ولم تسب فقط أنوفهن . وأين كان فرسان النخوة والشجب حين تسور مواطنون مثل من سبوا لقمان بيوت مواطنين مثل لقمان ، وروعوا أسرهم ، ونهبوا ممتلكاتهم .. وأين كانوا حين أذاع عنصريون على أوسع نطاق ما هو أخطر كثيرا مما قيل في حق لقمان . عندما أذاعوا ضرورة إبادة العنصر العربي وطرد أهل الشمال وتدمير الخرطوم وقتل من فيها . لم نسمع منهم شجبا ولا استنكارا ، رغم أن كل هذه جرائم أكبر مما جرى في حق لقمان .. ورغم أن هؤلاء أضعف من لقمان وأقل قدرة في الدفاع عن أنفسهم ..
    الشيء الصحيح هو ان العنصرية مرفوضة ويجب أن يتخلى عنها (الجميع) . وسب العقيدة مرفوض ويجب أن يحترم الجميع العقيدة . والبذاءة والإساءة للغير مرفوضة ويجب أن يترفع عنها الجميع .
    والصحيح ثانيا هو أن توضع الأشياء في مواعينها الصحيحة بحيث أنه إذا لم يكن الأمر مصنوعا وكان تعديا حقيقيا من مواطن على مواطن أن يترك الأمر له ليتجه نحو القانون وتتم إدانة من تعدي عليه وينال جزاءه العادل . أو يرد عليه بالرد الذي يرضيه ..
    والصحيح العادل أخيرا هو أن لا نتجني على أحد بجريمة ٱخر وأن لا نصدر أحكاما عامة على الكيانات او الجماعات بتصرفات أفراد . وأن لا نثبت التهم حتى يثبتها القضاء .
    وأذا كنا نريد تبني (القضايا) فيجب ان لا نتبنى (حادثة) واحدة ونترك الباقي … هذا إذا كنا مجردين من الغرض فعلا !!!!

محمد أحمد مبروك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons