أخبار ساخنةالأزمة السودانية

قناة امريكية :توتر حدودي بين السودان وإثيوبيا.. ماذا يحدث في الفشقة؟


في تطور مفاجئ وسريع، أعلن الجيش السوداني، مقتل ستة من عناصره وإصابة 31 آخرين في “أعقاب هجمات إثيوبية” على منطقة الفشقة الحدودية الزراعية الخصبة، ما أثار مخاوف من إمكانية تطور الحادث إلى نزاع عسكري.

والاثنين، تفقد قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، القوات في منطقة بركة نورين، بمدينة الفشقة بولاية القضارف، “في رسالة بأن السودان لن يفرط في سيادته على المنطقة التي انتزعها من إثيوبيا وشن حملة عسكرية من أجل ذلك، بدءا من نهاية العام الماضي”، بحسب المتخصص السوداني في الشؤون الأفريقية، عز الدين دهب.

وقال دهب في حديثه لموقع “الحرة” إن البرهان زار الفشقة “للوقوف على الأوضاع عن قرب، وأيضا لرفع الروح المعنوية للقوات بعد مقتل عدد من الجنود وإظهار تضامن القيادة السياسية والعسكرية في البلاد مع المواطنين والعسكر المرابطين هناك”.

وجدد البرهان، الاثنين، تأكيداته بأن الفشقة أرض سودانية خالصة وتعهد بعدم التفريط في أي شبر من أرض السودان.

لكن في تصريحات بثتها وسائل إعلام رسمية، الأحد، نفى الناطق باسم الحكومة الإثيوبية، ليغيسي تولو، التقارير عن شن الجيش الإثيوبي هجوما على السودان معتبرا أنها “عارية عن الصحة”.

وأضاف أن “مجموعة كبيرة من المتمردين وقطاع الطرق والإرهابيين دخلوا (من السودان)”. وبثت هيئة الإذاعة الإثيوبية تصريحاته من دون أي أدلة على ذلك.

وأكد أن “قوة الدفاع الوطنية الإثيوبية والميليشيا المحلية قضتا عليهم”.

المحلل الإثيوبي في الشؤون الأفريقية، عبد الشكور حسن، يقول في حديثه مع موقع “الحرة” إن “هذه منطقة واسعة ومتداخلة، وقد تكون هناك أياد خفية أو ميليشيات مسلحة وراء الهجوم على القوات السودانية”، مؤكدا أن ميليشيات “الشيفتا” الموجودة في بعض المناطق على الحدود ليست تابعة للجيش السوداني.

بداية الأزمة
وتشهد العلاقات بين أديس والخرطوم توترات منذ سيطرة السودان، في ديسمبر الماضي، على منطقة الفشقة الحدودية، التي تبلغ مساحتها نحو 250 كيلومترا مربعا، والتي يعتبرها تابعة له بموجب اتفاقيات دولية تعود إلى عام 1902. فيما نددت إثيوبيا بتلك الخطوة وحذرت من تبعاتها.

ومنذ سنوات يقوم مزارعون إثيوبيون بزرع منطقة الفشقة التي تقول السودان إنها تقع ضمن أراضيها.

وفي نوفمبر 2020 تزامنا تقريبا مع إرسال، أبيي أحمد، قوات فدرالية إلى تيغراي لإطاحة جبهة تحرير شعب تيغراي، نشرت الخرطوم جنودا في الفشقة في خطوة اعتبرتها أديس أبابا استفزازا.

وكانت هذه المنطقة مسرحا لاشتباكات دامية العام الماضي خلفت، بحسب بيان الجيش، 90 قتيلا من القوات السودانية.

نجم الدين كرم الله الخبير السوداني في النزاعات الدولية يقول إنه “اتضح خلال العقود اللاحقة أن القبائل الإثيوبية القريبة من الحدود لا ترغب في التخلي عن الأراضي الخصبة على الجانب السوداني من الحدود والتي تقدر بحوالي مليون فدان تقريبا”.

لكن المحلل السياسي الإثيوبي، جمال بشير، يقول إن “اتفاقية الحدود في عام 1902 وقعت في أيام الاستعمار. لم تتم رسم الحدود بحضور إثيوبيا وهو ما جعل الموضوع يكتنفع بعض الغموض”.

وفي 1972 وقع الطرفان اتفاقية يعود فيها الطرفان عند الحديث عن الأزمة.

ويقول كرم الله “كان واضحا أن هذه التسوية لن تنتج منها مستقبل الاستقرار في المنطقة الحدودية بين الجانبين نظرا لاستمرار انتهاكات إثيوبيا للأراضي السودانية من جهة، ومن جهة أخرى تحول التواجد الإثيوبي في محلية الفشقة إلى ما يشبه مستوطنات زراعية ونقاطا تتواجد في بعضها ميليشيات مسلحة تسمى الشيفتا ووحدات تابعة للشرطة الفيدرالية الإثيوبية”.

لكن بشير يقول “إذا سلمنا جدلا أنه تم الاتفاق على أن هذه الأراضي للسودان، وأن الخرطوم وافقت على أن يسكنها المزارعون الإثيوبيون، فإن السودان إذا أراد استرداد المنطقة من جديد عليه أن يلجأ للتفاوض من جديد مع إثيوبيا حتى يثبت خلاف ما اتفقوا عليه، لكن لا يجوز هذا الاجتياح الحاصل حاليا وإخراج أهل المنطقة من أماكنهم وأخذ ممتلكاتهم”.

وبدأ الجيش في ديسمبر العام الماضي، عملية سودانية في اتجاه المناطق المحصورة بين نهر عطبرة وخط الحدود الدولية مع إثيوبيا بهدف السيطرة على كامل مناطق محلية الفشقة بشقيها الكبرى والصغرى.

ويقول كرم الله إنه “بحلول أواخر الشهر الماضي لم يعد في محلية الفشقة أي تواجد إثيوبي ما عدا ثلاث مناطق ملاصقة بشكل كامل للحدود المشتركة وهي قطران وخور وحمر في الفشقة الصغرى ومرقت في الفشقة الكبرى”.

ويوضح دهب لموقع “الحرة” أن “الجيش السوداني أعاد الانتشار على الحدود السودانية بداية العام وبسط هيمنته على المنطقة التي ظلت لفترة طويلة بعيدة عن السيطرة”.

وأضاف أن “المزارعين السودانيين استطاعوا أخيرا زراعة هذه المناطق لكن رغم ذلك المجموعات الإثيوبية أو الشيفتا أو الجيش الإثيوبي ظل يهاجم المنطقة من حين لآخر، وهجوم السبت الماضي لا يخرج عن هذا السياق”.

من جانبه يقول حسن إن “الطرف السوداني كان يتحدث عن عشرة إلى 12 في المئة بقي فيها تواجد إثيوبي لكن الحملة الأخيرة بسطت القوات السودانية سيطرتها على المساحات المتبقية، وحسب معلوماتي فإنه ليست هناك مناطق في حوزة الأطراف الإثيوبية حاليا”.

وأكد أن “إثيوبيا ترى أن هناك خلافا بين البلدين، وأنه نزاع حدودي، ويجب حله عبر المفاوضات، ولا ترى أي مبرر لافتعال مواجهة أو نزاع مسلح، وليس من مصلحة البلدين الانخراط فيه”.

وأضاف أن إثيوبيا تريد أن “تترك الأمور لمرحلة قادمة حتى يتم الحوار والتفاوض حول المنطقة، لأن هناك أطرافا تريد أن تجر المنطقة إلى مواجهة مسلحة”.

وبينما يقول دهب إن الوضع أصبح مستقرا وعاد إلى هدوءه حاليا في المنقطة بعد هجوم السبت الدامي، فإن حسن يقول إن الأمر لم ينتهي بعد.

وأوضح أنه “عندما يكون هناك استقرار في إثيوبيا والانتهاء من الحرب الداخلية في البلاد، فإن أديس أبابا ستثير القضية من جديد لن الطرف السوداني أعاد الأزمة إلى مربعها الأول باستعجاله بالسيطرة على المنطقة بشكل عسكري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons